الأحد، 23 يناير 2011

أهداف التحكيم العلمي للبحوث

أهداف عملية التحكيم العلمي للبحوث وفوائدها للارتقاء بجودة المعرفة العلمية
الدكتور عبدالوهاب جودة

تهدف عملية التحكيم العلمي إلى وضع ضوابط ومعايير للمؤلفين في العلم بوجه عام، وتعد الأعمال العلمية والجوائز التي لم تخضع للتحكيم العلمي مثار جدل وشك في كافة الحقول العلمية. التحكيم العلمي معترف به كآداة فعالة، تمكن محرري المجلات ومديري برامج البحث والتطوير للحصول على مدخلات فنية ذات جودة عالية لاتخاذ القرارت اللازمة لتخصيص الموارد ( USNRC, 1998: 4 ).
وأكد تقرير مجلس البحث الوطني الأمريكي (National Research Council, 1997: 12 ) على أهمية التحكيم العلمي للبحوث والمشروعات المقدمة كآلية لصنع القرار بشأن النشر، أو منح التمويل، كما أكد التقرير على أنه آداة مهمة لهيئة تحرير الدورية في تحديد مدى قبول المخطوط للنشر أو رفضه، علاوة على أهميته كآداة في تحسين وتجويد البحوث والمشروعات البحثية، مشيرا إلى أن التحكيم العلمي أسلوب فعال في زيادة الجودة الفنية للبحوث والمشروعات. كما أشار التقرير إلى، أن نتائج التحكيم العلمي تفيد في تحسين جودة القرارات ومصداقيتها بشأن قبول النشر أو أولوية التمويل باعتباره مدخل مهم في صنع قرارات الدعم المالي المستقبلي، أو النشر. كما يساعد نظام التحكيم العلمي في إيقاف المشروعات العلمية منخفضة الكفاءة مبكرا ضمن دورة البحث والتنمية، وتوجيه المخصصات المالية لمشروعات أخرى أكثر إفادة للتنمية. كما يضمن التحكيم العلمي الفعال احتمال نجاح برامج المشروعات، شريطة أن تكون عمليات التحكيم وإجراءاته فعالة، وموثوقة، وصادقة.

كما تهدف عملية التحكيم إلى الارتقاء بمعايير التخصص وإرسائها عن طريق كل من المؤلفين، والمحررين، والمراجعين، حيث ينظر المتخصصون والعلماء في الميادين المختلفة إلى الأبحاث غير المحكمة نظرة شك وريبة، وحتى الدوريات المحكمة من الممكن أن تحتوي على أخطاء رغم التحكيم ( الغانم، 2008: 761). ويسعى نظام التحكيم العلمي إلى تقديم تقييم عادل غير منحاز وحذر وأمين للبحث العلمي. وهذا النظام، أيضا يمكن أن يعمل بفاعلية عندما يثق المؤلفون بأن مخطوطاتهم سوف تعالج بطريقة مسئولة وموضوعية وعادلة.
وإدراكا للفوائد الكبرى من عملية التحكيم العلمي، ركز تقرير ( Donovan C, 2007: 538 ) حول سياسة المجلس البرلماني الأسترالي للعلم والتكنولوجيا - ركز- على وضع تصورات مستقبلية لتقييم البحث والسياسة العلمية، التي تعتمد على التحكيم العلمي الفعال والهادف الى الارتقاء بالجودة العلمية للبحوث والمشروعات العلمية خلال خطتها المستقبلية، موضحة الفوائد الثقافية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية من وراء البحوث المحكمة تحكيما علميا، والتي اشترطت " دونوفا " توافر الموضوعية الواضحة، والخبرة العميقة، والمصداقية، والثقة.
لقد أشار( عطوي، 2000: 255) إلى وجود مجموعة فوائد للتحكيم العلمي للبحوث العلمية، منها: معرفة إمكانية تعميم نتائج البحوث في أماكن أخرى، واستبعاد التوافه من المواد قبل عملية نشر البحوث، وتحقيق الرضا النفسي والوظيفي والاجتماعي للباحثين، ومنح الدرجات العلمية المناسبة، ومعرفة نواحي القوة ونواحي الضعف في البحث.
وعلى مستوى البحث العلمي الجامعي، ترى ( الغانم، 2008: 762) أن التحكيم العلمي الموضوعي في البحوث الجامعية يحقق هدفين أساسيين الأول: تطوير مستوى الرسائل الجامعية، والعمل على إيجاد رسائل علمية يتوافر فيها أغلب المعايير التي لابد من توافرها فيها، كالترقي إلى مصاف الرسائل العلمية العالمية، أما الثاني: تحقيق هدف أساسي يتعلق بطالب الدراسات العليا، وهو منح الدرجة العلمية سواء كانت للماجستير أو الدكتوراه.
وعلى مستوى جهات النشر، فإن عملية التحكيم العلمي تتطلبها الدوريات العلمية وجهات النشر؛ حيث توكل عملية التقييم النقدي للمواد المقدمة إليها من قبل واحد، أو أكثر من الخبراء ( المحكمين ) في الموضوع، والذين يعرفون بالمحكمين، أو الفاحصين المسئولين عن الحكم على هذا العمل من حيث: دخوله ضمن مجال هذه الدورية، أو تلك الجهة، كما أنهم مسئولون عن تقييم أصالة العمل، وجودة البحث، ووضوح العرض...الخ( محجوب، 2007: 365)، وقد يقترح المحكم تغييرات من أجل تجويد وتطوير البحث، يقوم الباحث بإجرائها قبل أن يقبل بحثه للنشر. ويؤكد ( رزنبيك، 2005: 77 ) على أن من أهم فوائد نظام تحكيم النظراء أنه يعمل كآلية دقيقة لضبط الجودة في البحوث العلمية؛ وذلك من خلال التمييز بين الأبحاث الجيدة والضعيفة، حيث يسعى المحررون إلى نشر أبحاثا عالية الجودة فقط. وتستند أحكام الجودة إلى معايير شتى: نظرية ومنهجية وطريقة الكتابة. وهكذا يمدنا نظام التحكيم العلمي بطريقة لإضفاء المشروعية على المعرفة العلمية، عن طريق مطابقة البحث لمعايير منهجية محددة ( Armstrong, 1997 )،
إن نظام تحكيم النظراء يلعب دورا في اتخاذ قرارات تمويل الأبحاث وأيضا في تأييدها، كما أن كثيرين من العلماء يعتقدون أن هذا النظام يتيح للعلم التصحيح الذاتي ( Committee on the Conduct of Science 1994; Kiang, 1995 )، هذا فضلا عن أنه يشجع على الأمانة والموضوعية والصدق، انه يحول دون الأخطاء والمحاباة، ويمنع نشر بحث لم يحقق مستويات معينة من الجودة، فإذا قدم المؤلف بحثا به أخطاء، أو معلومات غير دقيقة، أو مغالطات منطقية، أو افتراضات غير مقبولة، أو خلل في تفسير المعطيات، أو مناهج مثار شك، فان المراجعين والمحررين سيكتشفون هذه المشاكل، ومن ثم يقررون عدم نشر هذا البحث إطلاقا ( رزنبيك، 2005: 79 ).