الأربعاء، 15 يونيو 2011

برامج التعليم العالي بين التمحور حول اكتساب المعرفة وإنتاجها

برامج التعليم العالي بين التمحور حول اكتساب المعرفة وإنتاجها

يوجد نموذجان أساسيان لاكتساب المعرفة وإنتاجها هما:
الأول: النموذج التكويني الدمجي ( التمركز حول تبليغ المعرفة )، ويقوم هذا النظام التكويني بتغطية كمية من المعارف والحقائق على حساب التأمل والتفكير، ويتجلى ذلك في تضخيم الكتب الدراسية وحشدها بالمعلومات والمعارف، وصرف جهد ووقت الطالب في حفظها دون فهم عميق لها، والاهتمام بالنتائج السريعة المباشرة والمتمثلة في حشد المعلومات والمهارات، دون الاهتمام بتوظيفها في الحياة اليومية، مثل نظام التكوين القائم على تزويد الفرد بالمعارف والحقائق الجاهزة دون تدريبهم على سبل اكتساب المعرفة وبنائها
وينطلق هذا النموذج من عدة خلفيات هي: خلفية فلسفية وإبستمولوجية، حيث يعتبر هذا النظام أن الطبيعة الإنسانية ثابتة وغير قابلة للتغير، ولا توجد فروق فردية بين الأفراد، واعتبار المعرفة واقعة خارج الذات، ويكون اكتسابها دائما من الخارج ولا علاقة للفرد في بنائها، فهي ذات طبيعة موضوعية خالصة. وخلفية سيكولوجية، تؤكد على أن الفرد غير قادر على التحكم في سلوكياته، ويكون اكتسابه للمعرفة عن طريق الاشتراط ( الكلاسيكي/ الإجرائي ) والتكرار. وخلفية سوسيولوجية، حيث تعد الحياة الاجتماعية في ظل هذا النظام الدمجي مصدر المعرفة، وتكون معايير الجماعة أو المجتمع مهيمنة، وما على الفرد إلاَّ الانضمام إلى الجماعة والاندماج أو الانصهار فيها، والتطبع أو التقولب بمعاييرها وبالعناصر المكونة للثقافة المرغوب فيها اجتماعيا. وخلفية تربوية، حيث يغلب الميل في هذا النظام التكويني الدمجي إلى دفع التربية نحو دمج المتعلم في ثقافة المجتمع، أو الثقافة المرغوب فيها اجتماعيا عن طريق الترديد والتكرار، والتطبيق وفق تعليمات محددة خطوة خطوة، والحفظ والتذكر، وصياغة محتويات دراسية جاهزة لها صلة وثيقة بثقافة المجتمع أو بالثقافة المرغوب فيها اجتماعيا( غريب، 1992: 142؛ غريب، 1992: 142 ؛ الخوالدة، 2004: 60 ؛ فرحاتي، 2004 ).
وبناء على هذه المنطلقات، تنتظم مكونات النظام التكويني المتمركز حول تبليغ المعرفة على: أهداف تربوية، تهدف إلى تهذيب سلوك المتعلم لجعله يتقمص القيم الثقافية والاجتماعية السائدة في المجتمع، ويخضع لسلطة الواجب والحق، وتلقين نماذج جاهزة من المعارف، تنتمي غالبا إلى الماضي، وتحصيل اكبر قدر من المعلومات والمعارف. وتخطط المحتويات التدريسية، بصورة تتصف بالتمركز حول المادة، بحيث تكون هذه الأخيرة على شكل أقسام وفروع، وتتخذ صيغة رقمية، وذات طبيعة يقينية غير قابلة للتغير أو التعديل، مع هيمنة المحتويات الفكرية والثقافية. أما الطرائق التدريس، فتعتمد على أساليب تبليغ المادة إلى المتعلم إما عن طريق الإلقاء أو الحوار الموجه، وبذلك تكون وظيفة المعينات التدريسية مرتكزة على التبليغ والوصف والإيضاح. وتدعم الوسائل التعليمية انفصال التربية النظرية عن التربية العملية في ظل هذا النظام، وينصب جل الاهتمام على تبليغ المعارف النظرية، الأمر الذي جعل الكتاب الوسيلة الأساسية للحصول على المعرفة واكتسابها. ويهدف التقويم في هذا النظام التكويني الدمجي المتمركز حول تبليغ المعرفة إلى قياس ما لُقِّنَ له، أي استرجاع المعلومات التي تلقاها، مما يدفعه للجوء إلى الحفظ أو ما يعرف بالتعلم الأصم، دون اكتساب المهارات العقلية والتطبيقية. وتتصف العلاقة التربوية بين المعلم والمتعلم بالسلطوية، حيث تفرض خضوع المتعلم للمكون الذي يمارس وحده كل الوظائف التكوينية من تخطيط وتنظيم وتسيير وانجاز وتقييم، ومن ثم تكون أدوار المتعلم مركزية وتقود إلى التحكم. ويغلب على النظام الإداري في ظل هذا النموذج الطابع الروتيني الإداري الجامد، غير قابل للتبدل والتعديل أو التغير، أي النظام الإداري المركزي( عواشرية، 2007: 10-11 ).
يتضح مما سبق أن النموذج التكويني الدمجي يفتقر إلى وضوح الرؤية التربوية، نظرا لكونه يستند إلى خلفيات غير واضحة، وغير مهتمة بمختلف العناصر المكونة للعملية التعليمية، مع أن الكثير من منطلقاتها، قد أثبتت خطأها المعطيات والنظريات الحديثة في علوم النفس والتربية والبيولوجيا والفيسيولوجيا، الأمر الذي أدى بهذا النوع من الأنظمة التكوينية إلى استهلاك الوقت وهدر الطاقات والأموال، واستنزاف الجهود دون الوصول إلى تكوين الفرد النجاح الفعال( غريب، 1992: 142 ؛ الخوالدة، 2004: 60 ؛ فرحاتي، 2004 ).
الثاني : النموذج التكويني الإنتاجي، ويتمركز حول إنتاج المعرفة.
يتميز هذا النظام في كونه يتجه في تنظيم التكوين إلى إحداث تغييرات في سلوك الدارسين، ويتطلب ذلك عملية تخطيط وبرمجة تمكن من تحديد السلوكيات المراد تغييرها لدى المتعلم. إن الأساس الرئيس في هذا النموذج يجعل المتعلم عنصرا فاعلا، ويؤدي إلى تقليص أي هيمنة خارجية، وبذلك يهدف إلى تكوين الفرد المتشبع بقيم الاستقلالية والحرية والمبادرة والتواصل التربوي والاجتماعي ( الأعصر، 2001 ).
وينطلق هذا النموذج من عدة خلفيات هي: خلفية فلسفية وابستمولوجية، حيث يؤكد هذا النموذج على أن الإنسان ذو طبيعة قابلة للتغير، والإيمان بوجود الفروق الفردية بين الأفراد، واعتبار المعرفة ملازمة للفرد ولا وجود لحقائق علمية منفصلة عن نشاط الإنسان الفكري والثقافي، فهو واحد من أهم المصادر الأساسية للمعرفة العقلانية. وترتكز الخلفية السيكولوجية للنظام التكويني الإنتاجي على الإيمان بفكرة التفاعل القائم بين الفرد والمحيط كأساس لبناء المعرفة وإنتاجها، وتحديد تصرفات وسلوكيات الفرد بناء على نظرية كل من " جان بياجيه " في النمو المعرفي، ونظرية " سيجموند فرويد " في النمو النفسي، ونظرية " فالون " في النمو الوجداني. كما يستند النموذج التكويني الإنتاجي إلى خلفية سوسيولوجية، تؤمن بأهمية التفاعل القائم بين الفرد والجماعة، استنادا إلى الحتمية الاجتماعية الدوركايمية، وأسبقية الحياة الجماعية عند كارل ماركس، وتفاعل الفرد في ظل البيئة الاجتماعية عند ماكس فيبر في فهم سلوكيات الفرد. أما الخلفية التربوية للنظام التكويني الإنتاجي تؤمن بتوجيه المتعلم نحو تحقيق أهداف إنمائية تمكنه من التعبير عن قدراته الإبداعية، ومن التواصل التربوي، ومن ثم التواصل الاجتماعي والتعاون مع الآخرين، والتعبير عن ذاته بكل حرية ( غريب، 1992: 142 ؛ الخوالدة، 2004: 60 ؛ فرحاتي، 2004 ).
إن المتأمل في خصائص هذا النظام التكويني الإنتاجي، وكيفية انتظام مكوناته وطبيعة خلفياته المتنوعة، يمكن أن يصل إلى فكرة رئيسية مفادها أن: نظام التكوين الإنتاجي يراعي عند بناء وتخطيط المناهج التكوينية مردودية التكوين ومدى انسجامه واستجابته لمختلف احتياجات المجتمع، ويصبح التكوين والتدريب في ظل هذا النظام عملية استثمارية هامة في العنصر البشري. وعلى هذا الأساس ولبلوغ الأنظمة والسياسات التكوينية تحقيق إطار ذو كفاءة عالية والاستثمار الجيد في الموارد البشرية يجب عليها إقامة علاقة وطيدة بينها وبين القطاع المستخدم والمتمثل في سوق العمل، وذلك من أجل الوصول إلى إيجاد الصيغة المناسبة لضمان مطابقة التكوين والتدريب مع التشغيل، وذلك استنادا إلى مبدأ تحقيق التفاعل بين المؤسسات التكوينية التدريبية والمحيط، وذلك ما يجسد الخدمة الحقيقية وينقل المعارف من إطارها النظري العام إلى إطارها العملي التطبيقي.
وبناء على هذه المنطلقات، تنتظم مكونات النظام التكويني المتمركز حول المتمركز حول تعديل السلوك على: أهداف تربوية: تهدف إلى تكوين الفرد المتشبع بقيم الحرية والمبادرة والتواصل الاجتماعي والاعتماد على الذات ( الاستقلالية )، وتدعيم قيم الإنتاجية والمردودية لدى الأفراد، وتأهيل الأفراد للتمكن من الحقول المعرفية المختصة في التحكم في التكنولوجيا. ويصمم محتوى المناهج في هذا النموذج على أساس على احترام الإيقاع الخاص بالمتكون في العملية التكوينية، والتدخل لتصحيح مساره. ويستخدم في ذلك طرائق تدريسية يلعب فيها المتعلم دورا فعالا، مثل المناقشة وعمل المجموعات وطريقة التعيينات أو المشكلات والتعلم الذاتي. وتتنوع الوسائل التعليمية في ظل النظام الإنتاجي، ويصبح الكتاب أحد الوسائل المعتمدة في تحصيل المعرفة وليس الوسيلة الوحيدة، إضافة إلى التجربة ( الخبرة ) واللعب والاحتكاك والتفاعل مع الواقع. ويتمركز التقويم حول تعديل السلوك، ومن ثم الاهتمام بتصحيح الفارق بين الهدف المنشود والهدف المتوصل إليه، والتدخل المستمر للدعم والتقوية قصد تقلص ذلك الفارق عن طريق أساليب تقويمية مثل تربية التحكم، ومختلف أنواع التقويم: المبدئي، والتكويني، والتغذية الراجعة. وتبنى العلاقة بين الأستاذ والمتعلم على مبدأ التعاقد التربوي، فالأستاذ يخطط وينظم الفعل التكويني ثم يطالب المتعلمين بالأهداف، ويشركهم في العمل على تحقيقها، والكل يعمل على تنفيذ وبلوغ الأهداف المتوقعة، وبذلك يمكن القول أن دور الأستاذ يقتصر على التوجيه والمساعدة والتنشيط، وعدم التسلط في تسييره. ويتسم التنظيم الإداري للمؤسسة التعليمية في ظل هذا النموذج التكويني بالمرونة، حيث يسمح باتخاذ القرارات، وسيولة المعلومات من أسفل إلى أعلى ومن أعلى إلى أسفل بصورة تفاعلية، والمشاركة الجماعية في الخبرة ( عواشرية، 2007: 13-14 ).
وبذلك يمكن القول، أن التعليم العالي الفعال يتطلب نظام تكويني إنتاجي، وليس نظام تكويني دمجي. وهنا نتساءل: إلى أي النموذجين تنتمي استراتيجيات التعليم العالي في الدول العربية؟ ومن أجل تقديم إجابة موضوعية على هذا السؤال، يجدر بنا إلقاء نظرة وجيزة على نمطية انتظام بعض مكونات التعليم العالي في الدول العربية.
قيمة المعرفة وأعراض هشاشة التعليم العالي في الدول العربية
تتجلى قيمة المعرفة في قدرتها على تجاوز تراكم المعلومات والحقائق إلى إنتاج المعرفة المتجددة، أي لا تتوقف عند حد اكتساب المعلومات، وإنما يتعدى ذلك إلى توظيف تلك المعلومات والمعارف في الحياة العلمية واستثمارها في إنتاج معارف جديدة. ويمكن هنا أن نذهب إلى ما ذهب إليه بيركنز ( Perkins, 1992: 123 ) في هذا السياق: اكتساب المعرفة، وفهم المعرفة، وتوظيف المعرفة. وتمر " دورة المعرفة " بثلاثة مراحل رئيسة هي: " توليد المعرفة " بالبحث والإبداع والابتكار، و " نشرها " بالتعليم والتدريب؛ و " توظيفها " في تقديم منتجات وخدمات جديدة أو مطورة، تسهم في مجالات التنمية، والاستفادة من ذلك في توليد الثروة وإيجاد الوظائف، والمساهمة في تطوير حياة الإنسان ( Lam, 2002: 95 & البكري، 2006: 26). وعندما يضاف إلى هذه الدورة بعد التكنولوجيا، تتزايد الدورة المعرفية لتصبح أربعة مراحل لتشكل " 4 P "، وهي: Production ( أي إنتاج وتوليد المعرفة بالبحث والتطوير )، Publication ( أي نشر المعرفة )، و Proto type ( أي تسجيل براءات الاختراع )، Products ( أي توظيف وتحويل المعرفة للحصول على منتوجات وخدمات جديدة تسهم في التقدم والتنمية ).
وعندما يتحقق للمجتمع القدرة على إنتاج وتوليد المعرفة الجديدة، ونشرها في أوعية النشر العالمية، والحصول على قدر وافر من براءات الاختراع؛ ينتقل هذا المجتمع أو ذاك إلى ما يسمى مجتمع المعرفة؛ وحينما يتعدى ذلك إلى تحقيق المرحلتين الثالثة والرابعة ( التوظيف، والتطبيق في الحصول على منتوجات جديدة قابلة للتداول والإسهام في التنمية والتقدم، ينتقل المجتمع إلى ما يسمى " مجتمع اقتصاد المعرفة ". ويتوقف وضع المجتمع ومكانته بين دول العلم على موقعه من دورة العلوم والتكنولوجيا، ومدي تفعيل مراحلها. وأشار(علي، 2007: 6 ) إلى أن المعرفة في جميع مراحل اكتسابها وإنتاجها تتسم " بالإنسانية "، أي أن اكتسابها وإنتاجها يعتمد على الإنسان، ويمكن عرض دورة اكتساب المعرفة في الشكل الآتي:-
حدد ( تقرير اليونسكو، 1996 ) أربعة أهداف للتعليم هي: نتعلم لنعرف، نتعلم لنكون، نتعلم لنعمل، ونتعلم لنعيش معا في سلام ( الأعسر، 2001 ). وعلى ذلك، فإن حسن إعداد وتكوين الباحث/ الباحثة العلمي وتجويده يشكل أحد المداخل الهامة لرفع مستوى المهنة، وتعزيز الانتماء إليها وتجويد الإنتاج فيها ( مقداد، 2004 ).
وأكد ( عواشرية، 2008: 12 ) على أن نظام التعليم المتمركز حول تبليغ المعرفة واكتسابها هو النظام السائد في نظم التعليم بالبلدان العربية، الأمر الذي أدى إلى جعل المعرفة التي تتضمنها البرامج التكوينية بالجامعات تصاب بالهشاشة وعدم الفعالية، ومن ثم عدم تحقيق الأهداف المنشودة من التعليم التي أشار إليها بيركنز، وتقارير اليونسكو.
وبناء على ما سبق، فإن أعراض هشاشة المعرفة المتضمنة بالبرامج التعليمية التكوينية المستندة إلى النظام التبليغي، وفقا لرؤية بيركنز ( Perkins, 1992: 124-126 )، يمكن توضيها في الآتي:
- الغياب: وتشير إلى عجز المتخرجين عن أداء مهامهم ووظائفهم بعد الولوج في الحياة العملية رغم كونهم يحملون شهادات تشير إلى أنهم مؤهلين للقيام بها.
- الخمول: إن منهج اكتساب المعرفة يحدد إلى درجة كبيرة فاعليتها وكيفية استخدامها، فقد يتقن الطالب ذكر نظريات معينة، ولكن لا يستطيع حل مشكلة أو مسالة يتطلب حلها تطبيق تلك النظريات، لأنه لا يستطيع أن يوظف ما يعرفه أو ما تعلمه لحل المسالة، فالمعرفة الخاملة هي المعرفة السطحية التي يحتفظ بها المتعلم من أجل الإجابة في الامتحان، وتنطفئ حسب تعبير " سكنر " بمرور الامتحان، وهي نتيجة طبيعية للنظام الدمجي المتمركز حول تبليغ المعرفة والتلقين والتسميع دون فهم واستيعاب لما تتضمنه محتويات المنهاج التكويني، مما يعيق تطبيقها وتوظيفها.
- السذاجة، أو السطحية: وتتضح لدى الطلاب في حالة مناقشة قضايا علمية أو اجتماعية باستخدام مفاهيم اكتسبوها من مصادر غير علمية، رغم تعرضهم لهذه القضايا العلمية الاجتماعية ضمن المقررات وحاولوا تفسيرها تفسيرا علميا، إلا أن هذه الدراسة المنظمة لم تستطع أن تحل محل المعرفة الساذجة التي اكتسبوها من مصادر غير علمية، وكلما طلب من المتعلم استرجاع تلك القضايا ذَكَرَها بمهارة فائقة، بينما إذا طلب منه تقديم تفسيرا أو تحليلا لها عاد إلى التفسيرات الساذجة، أو التفسيرات غير العلمية.
- الطقوسية: يكتسب الطلاب اللغة المقبولة علميا ويرددونها بدون آية صعوبة؛ إذ نجدهم يرددون مفاهيم وآراء علمية، ويجتازون الامتحان بنجاح من خلال ذلك، ولكن في الواقع يرددون ألفاظا جوفاء لا معنى لها بالنسبة إليهم كمن يقوم بطقوس ليس لأنه يفهمها، بل لأنه وجد جميع الأفراد يقومون بها. فقد يتحدث مثلا المتخصص في علم الاجتماع عن مفهوم الطبقة، ومفهوم الطبيعة البشرية، أو دراسة الحالة، ولكن إذا سألناه عن معنى هذه المفاهيم يعجز عن تحديد المقصود بها.
ويضيف ( عواشرية، 2007: 20-21 ) أعراض أخرى لهشاشة المعرفة مثل:
- النقصان: أي اجتزاء المعرفة وعدم اكتمالها لدى الطلاب، والاعتماد على الاختصارات والتلخيص، من أجل سهولة الحفظ
- الانفصال: عدم وجود علاقة أو ترابط بين مجموعة المعارف المتضمنة في المادة الواحدة من جهة ومعارف المواد الأخرى من جهة أخرى، مما يجعل تكوينه مجزأََ؛ إذ نجده لا يستطيع ربط معرفة بأخرى، وهذا ما يجعله عاجزا عن استثمار تلك المعارف في الحياة العملية، كما نجده عاجز عن إنتاج المعرفة، لأن ذلك يتطلب أن يكون الطالب قادرا على الربط بين تلك المعارف المتنوعة وتركيبها.
- الاغتراب: أي إن منشأ هذه العلوم في معظمها غربي، ولا يرتبط بقضايا الوطن، ويصعب تطبيقها على مشكلاته وقضاياه.

موقع الدكتور عبدالوهاب جودة: تحديات استخدام البحث العلمي الاجتماعي في صنع السياسات بالوطن العربي

موقع الدكتور عبدالوهاب جودة: تحديات استخدام البحث العلمي الاجتماعي في صنع السياسات بالوطن العربي

http://www.roo7oman.com/up/files/277954.rar

تحديات استخدام البحث العلمي الاجتماعي في صنع السياسات بالوطن العربي

تحديات استخدام البحث العلمي الاجتماعي في صنع السياسات بالوطن العربي
د. عبدالوهاب جودة

تحديات استخدام البحث العلمي الاجتماعي في صنع السياسات بالوطن العربي[center]

ركز البحث الراهن على دراسة التحديات التي تواجه الإفادة من البحث التطبيقي في صياغة سياسات تنموية فاعلة، ونقل نتائجه إلى الممارسة بالمجتمع العربي. ولتحقيق ذلك، تم مسح تصورات الأكاديميين العرب حول: خصائص السياق السياسي العام المميز للمجتمعات العربية، وواقع السياق المؤسسي لعملية صنع السياسات، بالإضافة إلى تشخيص واقع عملية إنتاج المعرفة العلمية ومدى جودتها وقدرتها على الاتصال بعملية صنع القرار، علاوة على، الوقوف على طبيعة شبكة التفاعل بين البحث والسياسة. واعتمد البحث على المنهج الوصفي، باستخدام طريقة المسح الاجتماعي. وقد توصل البحث إلى عدد من النتائج المهمة، وانتهى إلى طرح عدد من التوصيات لتجسير الفجوة بين البحث والسياسة، وتفعيل دور البحث العلمي في صياغة السياسات بالوطن العربي.




The current research has focused on the study of the challenges which facing the utilization of applied social research in policy and decision-making, and the transfer of its findings to the practice of the Arab community. To achieve this, it has been surveying the perceptions of Arab academics about: first, Characteristics of the overall political context unique in the Arab societies, second, the reality of the institutional context of policy-making process, Third, a diagnosis of knowledge production, Forth, the quality of knowledge and its connection with decision-making process, and Fifth, recognizing the interaction process between research and policy. The research is descriptive and analytical approach, based on a set of methodological procedures. It is based on a social survey method. The research has come to a number of important results, and ended to put up a number of recommendations to bridge the gap between research and policy, and activating the role of scientific research in policy formulation in Arab world.

وقد تم عرض البحث في المؤتمر الدولي الثالث لعلم الاجتماع : حول تحديات البحث العلمي بجامعة الزقازيق - مصر - بعد تحكيمه وقبوله من اللجنةالعلمي للمؤتمر.





للاطلاع على العرض وتحميله إضغط على الرابط الآتيhttp://www.roo7oman.com/up/files/277954.rar


أو

رابط تحميل ملخص تنفيذي للبحث
http://arabsh.com/mzvi78u03glb.html

الأحد، 6 مارس 2011

مختصر حول خطوات المنهج العلمي

المنهج العلمي
د. عبدالوهاب جودة

تعريف كلمة المنهج العلمي
يعرف المنهج العلمي بأنه الطريقة أو الوسيلة أو الأسلوب الذي يتبعه الباحث بغرض الكشف عن حقائق علمية معينة
تعريف كلمة البحث
يمكن تعريف كلمة بحث بأنها المحاولة الدقيقة الناقدة من اجل التوصل إلى حلول للمشكلات التي تؤرق البشرية وغيرها. ويظهر البحث نتيجة لحب الاستطلاع ويغذيه الشوق العميق إلى معرفة الحقيقة.
تعريف علم مناهج البحث
هو ذلك العلم الذي يعنى بالأسلوب والطرق التي يسلكها الباحثون حين سعيهم للكشف عن الحقائق العلمية، ويهدف هذا العلم إلى إرساء قواعد ومبادئ معينة يتبعها الباحثون أثناء محاولاتهم الكشف عن تلك الحقائق العلمية
المتطلبات المنهجية لجودة البحث العلمي ( سمات الباحث الجيد)
يجب على الباحث التسلح بالمتطلبات المنهجية اللازمة لجودة البحث العلمي، ومنهجية البحث العلمي تتطلب الفهم الواعي والعقلية الناقدة ذات القدرات الابتكارية. وهناك عدة شروط يجب أن تتوافر لدى الباحث حتى يتمكن من إجراء الدراسة أو البحث الذي يقوم بدراسته، وإذا توافرت هذه الشروط يمكن وصفه بالباحث الجيد
شروط الباحث الجيد
1- أن يتصف بالرغبة في معرفة الحقيقة والسعي إليها والكشف عن مكوناتها.
2- أن يكون شغوف بالبحث عن الأسباب التي تربط الظواهر ببعضها البعض
3- أن يكون ملاحظ جيد ودقيق وسريع الملاحظة
4- أن يتسم بالتفكير المنظم والموضوعية في التفكير
5- أن يتصف بالقدرة على التنبؤ والتوقع للأحداث التي يتصورها أو يتخيلها
6- أن يكون ناقدا ومراجعا لأعماله
7- أن يكون قادرا على إدراك العلاقات القائمة بين الظواهر
8- أن يتوافر له الإعداد الجيد والكافي
9- أن تتوافر لديه الخبرة الميدانية والعملية في الميدان
10- أن يكون ملما بالدراسات والكتابات في مجال بحثه أو دراسته.
قواعد التفكير المنهجي في البحث الاجتماعي
يستند التفكير المنهجي إلى عدد من المبادئ العلمية أو القواعد؛ ومن أهم القواعد وتلك المبادئ التي تحكم عملية التفكير العلمي في إجراء البحث الاجتماعي مايلى
1- مبدأ الحتمية: ويشير إلى أن هناك مجموعة من العوامل والعلاقات السببية التي تربط بين الظواهر وبعضها البعض، فكل شئ أو حدث له مسببات تسببت في وقوعه؛ ويقوم خذا المبدأ على فكرتين هما:
أ‌- فكرة الملاحظة: اى استخدام الملاحظة في الكشف عن العلاقات بين الظواهر.
ب‌- وفكرة اطراد الظواهر في الطبيعة: ومعناها تكرار حدوث الظواهر.
2- مبدأ الواقعية: ويقصد به ارتباط التفكير العلمي بالواقع والابتعاد عن الخيال والاستناد إلى كل ما هو واقعي وله وجود حقيقي على ارض الواقع وليس في الخيال، فالعلم لا يعرف سوى الواقع. والارتباط بالواقع يجعل الباحث متحفزا دائما لملاحظة الظواهر التي يعنى بها.
3- مبدأ التعميم: اى تعميم ما يتوصل إليه البحث العلمي عن جزئية ما إلى جميع الحالات المتشابهة. ومن أهم سمات التعميم: انه تعميم متأني وهادئ، كما انه يعتمد على تماثل الجزئيات وتشابه الظروف .
4- مبدأ الاتصال: وهو خاصية من خصائص التفكير العلمي، فالتفكير العلمي يبدأ بمرحلة ولاينتهى عندها وإنما يمهد لمرحلة جديدة فالتفكير العلمي سلسلة متواصلة من الحلقات لاتنتهى، ذلك لأنه مرن وغير جامد.
5- مبدأ التحليل والتركيب: فالتفكير العلمي يقوم على التحليل والتركيب، حيث يقوم العالم بتحليل الظاهرة إلى ابسط العناصر بهدف فهمها ومعرفة العلاقات التي تقوم بينها ونسبتها إلى بعضها البعض.
6- مبدأ الصياغة الكمية: فمن أهم ما يميز التفكير العلمي التحول من الطابع الكيفي إلى الطابع الكمي في صيغة القوانين والفروض العلمية ويعبر عن الطابع الكمي باللغة الرياضية.
7- مبدأ الموضوعية: اى أن يتناول البحث موضوع بحثه دون ما تدخل ذاتيا في الموضوع( اى البعد عن الأهواء الذاتية والانطباعات والميول الشخصية وعدم فرض الباحث لأيه على الموضوع، وإنما يحتكم دائما إلى الواقع الموضوعي)، والموضوعية تعنى تصوير الواقع كما هو عليه بالفعل.
8- مبدأ الصدق والثبات: من أهم ما يميز التفكير العلمي، خاصيتي الصدق والثبات؛ والصدق يعنى أن تقيس الأدوات ما وضعت لقياسه؛ أما الثبات فيعنى أن تعط الأدوات نفس النتيجة إذا طبقت مرة ثانية على نفس الظاهرة مع توافر نفس الظروف.
9- مبدأ القدرة على التنبؤ: وهى تعنى انه إذا أمكن استخدام اختبار علمي معين في التنبؤ بسلوك معين بعد إجراء الاختبار فغالبا ما تستخدم هذه الصفة التنبؤية كدليل للاختبار على صدقه.
المتطلبات المنهجية في خطوات ومراحل البحث الاجتماعي
يتطلب البحث العلمي الاجتماعي عددا من الخطوات أو المراحل التي يمر بها وهى خطوات متصلة وليست منفصلة يكمل بعضها البعض، ونقطة البدء في هذه الخطوات هو الشعور بالمشكلة: اى الشعور بوضع محير أو موقف مشكل يواجه الباحث ويتطلب حلا، ويقوم حل هذا الموقف على أساس سلسلة من العمليات العقلية التي تبدأ باختيار المشكلة وتحديدها، ثم جمع البيانات والحقائق وحول هذه المشكلة، ثم فرض الفروض الخاصة بالحل ثم اختيار انسب الفروض حتى يمكن الوصول إلى حل للمشكلة.

الخطوات التي يمر بها البحث العلمي الاجتماعي
1- وجود مشكلة بحثية: وهى أن تكون هناك مشكلة قابلة للبحث بالفعل؛ وهناك فرق بين المشكلة البحثية والمشكلة الاجتماعية. إن المقصود بالمشكلة البحثية، أن يكون هناك موقفا علميا محيرا لايمكن حسمه إلا من خلال البحث العلمي، بينما المشكلة الاجتماعية هي تلك المشكلة ذات الأبعاد المعروفة والتي يمكن التدخل في علاجها دون الحاجة إلى بحث علمي.
2- الشعور بالمشكلة: ويبدأ الشعور بالمشكلة حينما يكتنف الباحث موقفا غامضا مؤثرا حتى يسعى الباحث إلى محاولة الكشف عن حل لهذا الموقف ثم يحاول تلمس الحلول المختلفة.ويتفاوت الإحساس بالمشكلة من باحث إلى آخر، والباحث الجيد هو الذي يستطيع أن يقنع الآخرين بمدى أهمية المشكلة التي شغلت فكره.
3- اختيار المشكلة وتحديدها: وهى من أصعب المراحل التي يمر بها البحث العلمي، وعادة ما تستغرق وقتا طويلا نسبيا ولا تخلو من الحيرة والقلق. ويشترط في صياغة المشكلة، أن تكون الصياغة واضحة ومحددة في عبارات لا غموض لها. ويمكن أن تصاغ المشكلة في البحث على هيئة عبارات أو مجموعة من الاستفسارات أو الأسئلة التي يحاول الباحث الإجابة عليها.
شروط صياغة المشكلة الجيدة
* الوضوح والدقة * الإجرائية في الصياغة
*التحديد * عدم التطويل الممل مع عدم التقصير المخل
* أن يتم تعريف المصطلحات المستخدمة في المشكلة العلمية.
4- جمع المادة العلمية: في هذه المرحلة يقوم الباحث بجمع البيانات والمعلومات المتاحة له لخدمة الدراسة أو البحث؛ والقدرة على بناء الفروض الملائمة لطبيعة البحث .
5- بناء الفروض العلمية: الفروض عبارة عن مقترحات أو تخمينات محسوبة أو حلول مؤقتة يقدمها الباحث بهدف اختبار مدى صحتها ومدى صدقها في حل المشكلة
6- اختيار وانتقاء الفروض: وهى عملية يتم من خلالها فحص وتمحيص جيد للفروض الكثيرة التى يكونها الباحث أثناء جمع المعلومات، ثم يقوم بانتقاء المناسب منها
7- تحديد نوع المنهج المستخدم: بعد تحديد المشكلة وبناء الفروض، وتوافر المادة العلمية، واختيار انسب الفروض يصبح أمام الباحث التمكن من اختيار المنهج المناسب للبحث. اى الأسلوب المناسب التي يعتمد الباحث عليها أثناء سير البحث.
8- إجراء الاختبار: وهى مرحلة امتحان الفروض التي توصل إليها الباحث، وغالبا ما يتم اختبار الفروض عن طريق التجربة.
9-استخراج النتائج: حينما ينتهي الباحث من إجراء الاختبارات واثبات صحة الفروض التي انتهى إليها، فإن الباحث يكون في هذه الحالة قد كشف عن نتائج وحقائق غير محتملة أو غير متوقعة من جانب الباحث ومن ثم يصبح أمام الباحث العديد من النتائج والحقائق العلمية.
10- تحليل النتائج: وهى من المراحل الهامة في البحث العلمي لأنها النهائية التي تكشف عن غموض الموقف الذي أثار مشكلة البحث، وفيها يقوم الباحث بتفسير الحقائق والنتائج التي توصل إليها في ضوء العوامل والظروف المحيطة بالبحث.
11- المستخلصات النهائية للنتائج: ويقصد بها الحقائق النهائية التي انتهى إليها البحث من خلال الأدوات والتجارب التي استند إليها البحث.

الأحد، 23 يناير 2011

أهداف التحكيم العلمي للبحوث

أهداف عملية التحكيم العلمي للبحوث وفوائدها للارتقاء بجودة المعرفة العلمية
الدكتور عبدالوهاب جودة

تهدف عملية التحكيم العلمي إلى وضع ضوابط ومعايير للمؤلفين في العلم بوجه عام، وتعد الأعمال العلمية والجوائز التي لم تخضع للتحكيم العلمي مثار جدل وشك في كافة الحقول العلمية. التحكيم العلمي معترف به كآداة فعالة، تمكن محرري المجلات ومديري برامج البحث والتطوير للحصول على مدخلات فنية ذات جودة عالية لاتخاذ القرارت اللازمة لتخصيص الموارد ( USNRC, 1998: 4 ).
وأكد تقرير مجلس البحث الوطني الأمريكي (National Research Council, 1997: 12 ) على أهمية التحكيم العلمي للبحوث والمشروعات المقدمة كآلية لصنع القرار بشأن النشر، أو منح التمويل، كما أكد التقرير على أنه آداة مهمة لهيئة تحرير الدورية في تحديد مدى قبول المخطوط للنشر أو رفضه، علاوة على أهميته كآداة في تحسين وتجويد البحوث والمشروعات البحثية، مشيرا إلى أن التحكيم العلمي أسلوب فعال في زيادة الجودة الفنية للبحوث والمشروعات. كما أشار التقرير إلى، أن نتائج التحكيم العلمي تفيد في تحسين جودة القرارات ومصداقيتها بشأن قبول النشر أو أولوية التمويل باعتباره مدخل مهم في صنع قرارات الدعم المالي المستقبلي، أو النشر. كما يساعد نظام التحكيم العلمي في إيقاف المشروعات العلمية منخفضة الكفاءة مبكرا ضمن دورة البحث والتنمية، وتوجيه المخصصات المالية لمشروعات أخرى أكثر إفادة للتنمية. كما يضمن التحكيم العلمي الفعال احتمال نجاح برامج المشروعات، شريطة أن تكون عمليات التحكيم وإجراءاته فعالة، وموثوقة، وصادقة.

كما تهدف عملية التحكيم إلى الارتقاء بمعايير التخصص وإرسائها عن طريق كل من المؤلفين، والمحررين، والمراجعين، حيث ينظر المتخصصون والعلماء في الميادين المختلفة إلى الأبحاث غير المحكمة نظرة شك وريبة، وحتى الدوريات المحكمة من الممكن أن تحتوي على أخطاء رغم التحكيم ( الغانم، 2008: 761). ويسعى نظام التحكيم العلمي إلى تقديم تقييم عادل غير منحاز وحذر وأمين للبحث العلمي. وهذا النظام، أيضا يمكن أن يعمل بفاعلية عندما يثق المؤلفون بأن مخطوطاتهم سوف تعالج بطريقة مسئولة وموضوعية وعادلة.
وإدراكا للفوائد الكبرى من عملية التحكيم العلمي، ركز تقرير ( Donovan C, 2007: 538 ) حول سياسة المجلس البرلماني الأسترالي للعلم والتكنولوجيا - ركز- على وضع تصورات مستقبلية لتقييم البحث والسياسة العلمية، التي تعتمد على التحكيم العلمي الفعال والهادف الى الارتقاء بالجودة العلمية للبحوث والمشروعات العلمية خلال خطتها المستقبلية، موضحة الفوائد الثقافية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية من وراء البحوث المحكمة تحكيما علميا، والتي اشترطت " دونوفا " توافر الموضوعية الواضحة، والخبرة العميقة، والمصداقية، والثقة.
لقد أشار( عطوي، 2000: 255) إلى وجود مجموعة فوائد للتحكيم العلمي للبحوث العلمية، منها: معرفة إمكانية تعميم نتائج البحوث في أماكن أخرى، واستبعاد التوافه من المواد قبل عملية نشر البحوث، وتحقيق الرضا النفسي والوظيفي والاجتماعي للباحثين، ومنح الدرجات العلمية المناسبة، ومعرفة نواحي القوة ونواحي الضعف في البحث.
وعلى مستوى البحث العلمي الجامعي، ترى ( الغانم، 2008: 762) أن التحكيم العلمي الموضوعي في البحوث الجامعية يحقق هدفين أساسيين الأول: تطوير مستوى الرسائل الجامعية، والعمل على إيجاد رسائل علمية يتوافر فيها أغلب المعايير التي لابد من توافرها فيها، كالترقي إلى مصاف الرسائل العلمية العالمية، أما الثاني: تحقيق هدف أساسي يتعلق بطالب الدراسات العليا، وهو منح الدرجة العلمية سواء كانت للماجستير أو الدكتوراه.
وعلى مستوى جهات النشر، فإن عملية التحكيم العلمي تتطلبها الدوريات العلمية وجهات النشر؛ حيث توكل عملية التقييم النقدي للمواد المقدمة إليها من قبل واحد، أو أكثر من الخبراء ( المحكمين ) في الموضوع، والذين يعرفون بالمحكمين، أو الفاحصين المسئولين عن الحكم على هذا العمل من حيث: دخوله ضمن مجال هذه الدورية، أو تلك الجهة، كما أنهم مسئولون عن تقييم أصالة العمل، وجودة البحث، ووضوح العرض...الخ( محجوب، 2007: 365)، وقد يقترح المحكم تغييرات من أجل تجويد وتطوير البحث، يقوم الباحث بإجرائها قبل أن يقبل بحثه للنشر. ويؤكد ( رزنبيك، 2005: 77 ) على أن من أهم فوائد نظام تحكيم النظراء أنه يعمل كآلية دقيقة لضبط الجودة في البحوث العلمية؛ وذلك من خلال التمييز بين الأبحاث الجيدة والضعيفة، حيث يسعى المحررون إلى نشر أبحاثا عالية الجودة فقط. وتستند أحكام الجودة إلى معايير شتى: نظرية ومنهجية وطريقة الكتابة. وهكذا يمدنا نظام التحكيم العلمي بطريقة لإضفاء المشروعية على المعرفة العلمية، عن طريق مطابقة البحث لمعايير منهجية محددة ( Armstrong, 1997 )،
إن نظام تحكيم النظراء يلعب دورا في اتخاذ قرارات تمويل الأبحاث وأيضا في تأييدها، كما أن كثيرين من العلماء يعتقدون أن هذا النظام يتيح للعلم التصحيح الذاتي ( Committee on the Conduct of Science 1994; Kiang, 1995 )، هذا فضلا عن أنه يشجع على الأمانة والموضوعية والصدق، انه يحول دون الأخطاء والمحاباة، ويمنع نشر بحث لم يحقق مستويات معينة من الجودة، فإذا قدم المؤلف بحثا به أخطاء، أو معلومات غير دقيقة، أو مغالطات منطقية، أو افتراضات غير مقبولة، أو خلل في تفسير المعطيات، أو مناهج مثار شك، فان المراجعين والمحررين سيكتشفون هذه المشاكل، ومن ثم يقررون عدم نشر هذا البحث إطلاقا ( رزنبيك، 2005: 79 ).